الفلسفة الانسان عند هيدجر

الملخص

عندما يجتمع عمودان فلسفيان معا في موضوع واحد يتشكل منها فسيفساء رائعة. هذا ما حدث عندما اجتمع هيدجر الفيلسوف الوجودي الرائع مع مفهوم الانسان الذي يمثل قمة اهتمام الفلسفة المعاصرة. ابدع هيدجر في تقديم توضيح لتشكيلة الانسان ونمط تركيبته وكيفية ارتباطه بالعالم الخارجي ، اذ قدمه بطريقة واقعية وجودية فيزيقية. رابطاً اهمية الوجود العام بالوجود الانساني (الدازين). فجوهر الوجود هو الموجود، ففيه تكمن كينونة الوجود. جاعلاً الانسان هو الكائن الوحيد الذي يعي كينونته. فالانسان وحده يعي كينونته ووحده يتجاوز كينونته نحو وجوده. فماهية الانسان جوهرية بالنسبة لحقيقة وجوده. ولجوهرية الوجود الانساني جعله هيدجر اساس لوجود العالم. فالوجود يشمل السائل في الوجود نفسه (اي الموجود). الوجود الانساني (الدازين) هو وجود مقذوف به نحو الخارج ولا مهرب له منه، لذا لابد ان يتقبله بكل ارادته الحرة مادام لا يستطيع ان يغير هذا الواقع او هذه الحقيقة لذا لابد له ان يجعله ملكا له بتوحد وجوده. والوجود الانساني في العالم يكون مرتبطاً بـ (الوجود مع الاخر) . جاعلاً من وجوده مع الاخر وجوداً فعالا لوجود علاقة تأثر وتأثير فيما بينهما. وهذا الامر لا يدل الا على اجتماعية الطبيعة الانسانية وغيريتهلكون الانسان وجوده يتحقق مع الاخر. ومرتبط بالعالم الخارجي هنا نجد ان هذا الارتباط يجعل منه موجوداً مهموماً يحمل عبئ وجوده، فوجوده وحرية وجوده مرتبطة بتجربة القلق. فالقلق يمثل خبرة معاشة او عاطفة وجودية تكشف للانسان عن نسيج وجوده من الهم. وعن طريق القلق يرتد الانسان الى ذاته الخاصة، فمن خلاله يتم تحويل مسار االدازين من عالم الموضوع الى العنصر الاصلي في وجوده فهو الذي يدفع الانسان الى تحقيق كل امكانياته الفردية.

ايضا من المصطلحات الاخرى الذي ربطها هيدجر بالوجود الانساني هو الموت، جاعلا من وجود الفرد غايته تنتهي بالموت، فمن المستحيل تحقق امكانية اخرى بعدها للموجود، واعتبرها امكانية خاصة بالفرد نفسه.  وذلك لانه لا ينفع احد ان يموت بدلا منه او عوضا عنه. فعندما يتم الحديث عن الموت فأنه يعتبر واقعة شخصية لا يستطيع احد ان يعيشها بدلا  من الفرد نفسه الخاضع  لهذه الامكانية. والموجود الذي تنتهي مسيرته بالموت يكون في زمان، فهو مقذوف في الزمان، فمن خصائص الدازين هي بنيته الزمانية الذي ينكشف معناها من القلق الوجودي المستمر. بهذا القلق ينال الدازين تماميته في الساحات الزمانية الثلاث ( الماضي والحاضر والمستقبل) والذي ينتهي من خلال عملية الموت. فالانسان (الدازين) موجود زماني مرتبط بالواقع المادي بنوع من القلق والهم وتحمل المسؤولية.